'المطعم التركي' في بغداد.. 'أيقونة الثورة العراقية'

'المطعم التركي' في بغداد.. 'أيقونة الثورة العراقية'

بناية "المطعم التركي" في ب

أعلى محكمة هندية تقضي ببناء معبد هندوسي بموقع مسجد بابري التاريخي
Mardin'de 3 HDP'li ilçe belediyesine kayyum atandı
Lübnan hükümetinden önemli kararlar: Ekonomik krizi hafifletecek…

بناية “المطعم التركي” في بغداد لم تعد مجرد بناية مهجورة متضررة بقصف أمريكي استهدافها عام 2003، فقد تحولت إلى أيقونة لـ”الثورة” وعنوانا لنزاع بين المتظاهرين وقوات الأمن خلال الاحتجاجات التي بدأت نهاية الشهر الماضي، فكل طرف يحاول السيطرة عليها بسبب موقعها الاستراتيجي.
وتقع البناية بمركز العاصمة العراقية وتطل على ساحة “التحرير” من جهة على جسر الجمهورية ونهر دجلة الذي يشطر بغداد إلى نصفين، ومن ناحية ثالثة على المنطقة الخضراء شديدة التحصين.
** موقع استراتيجي
ومنذ بداية الاحتجاجات التي اندلعت بالعاصمة العراقية ومحافظات أخرى بالبلاد، في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، سيطر المتظاهرون على بناية “المطعم التركي” وعلقوا عليها لافتات تحمل مطالبهم، واحتشدوا فيها، بهدف الإشراف على الاحتجاجات بساحة “التحرير”، ومراقبة تحركات قوات الأمن ضد المتظاهرين.
ولم يكن سهلاً تمركز المتظاهرين في البناية وقد تمكنوا من ذلك بعد عمليات كر وفر متواصلة وكثيرة، حيث كانت قوات الأمن وما تزال تحاول استعادة السيطرة على البناية بسبب موقعها الجغرافي.
وهذه البناية إحدى المباني الرئيسة وسط بغداد وهي مكونة من 6 طوابق ومهجورة منذ تضررها بفعل قصف جوي أميركي عام 2003. واشتهرت باسم “المطعم التركي” لأن طابقها الأخير كان يوجد فيه مطعما تركيا.
ويشهد العراق، منذ يوم 25 أكتوبر موجة احتجاجات متصاعدة مناهضة للحكومة، تعتبر الثانية من نوعها بعد موجة أولى اندلعت بداية الشهر الماضي.
وتخللت الاحتجاجات أعمال عنف واسعة خلفت نحو 250 قتيلا على الأقل، فضلا عن آلاف الجرحى في مواجهات بين المتظاهرين من جهة وقوات الأمن ومسلحي فصائل شيعية مقربة من إيران من جهة أخرى.
بناية “المطعم التركي” لم تكن محط نزاع بين قوات الأمن والمتظاهرين العراقيين في هذه الموجة من الاحتجاجات فقط، فقد كانت حاضرة في جميع التظاهرات التي شهدها العراق في السنوات الماضية.
واستخدمت قوات الأمن البناية للإشراف على الاحتجاجات التي شهدتها ساحة “التحرير” عام 2011، في عهد رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي.
وخلال التظاهرات والتجمعات المعارضة للحكومة العراقية، التي شهدتها بغداد في أعوام 2015 و2017 و2018، استمر الحال على ما هو عليه بسيطرة القوات الأمنية عليها للإشراف على عمليات قمع التظاهرات.
المتظاهر عباس الواسطي يقول لمراسل الأناضول، “كانت القوات الأمنية تستهدفنا من أعلى هذه البناية وخصوصاً من يعرفون بالقناصة”.
ويضيف الواسطي: “وجودنا في البناية والسيطرة عليها يمكننا من مراقبة تحركات القوات الأمنية وقوات مكافحة الشغب باتجاه ساحة التحرير”.
**إصلاحات تعيد الحياة للبناية

ولم يرغب الضيوف الجدد على بناية “المطعم التركي”، البقاء في ظلام حالك فالمبنى مهجور ولا يوجد فيه تمديدات كهربائية.
وسارع بعض المتظاهرين إلى القيام بعمل تطوعي شمل إجراء إصلاحات في البناء وتمديد شبكة إنارة وتنظيف طوابقه.
ويتحدث عن ذلك المتظاهر أبو أحمد، ويعمل كهربائيا، قائلاً: “قمنا بتمديد شبكة خطوط وأسلاك كهربائية جديدة لأن الشبكة الموجودة تالفة”.
وأضاف أبو أحمد، في حديثه لمراسل وكالة الأناضول: “كذلك قمنا بتنظيف البناية من المخلفات والنفايات التي تتكدس فيها منذ سنوات وشارك معنا في ذلك الكثير من أخواتنا المتطوعات المتظاهرات”.
** “صفقة فاسدة”
أضرار القصف الأمريكي للبناية ما تزال شاخصة، وكل المساعي السابقة لأمانة بغداد ومجلسها المحلي المُنحل لإعادة ترميمها باءت بالفشل بسبب “الفساد”، كما يقول عضو المجلس السابق، محمد الربيعي.
والشهر الماضي، حل البرلمان العراقي مجالس المحافظات في البلاد، على إثر الاحتجاجات ضد الحكومة.
وقال الربيعي: “أُعطيت البناية خلال عامي 2008 و2009 إلى مستثمر عراقي كان يشغل منصباً في الدولة وحصل على رخصة استثمار لمدة 25 سنة.
وأضاف، “تلكأ المستثمر في عمله وتحجج بوجود تلوث إشعاعي في البناية بفعل القصف الأمريكي لكن ثَبت فيما بعد إنها ادعاءات كاذبة ولا أساس لها من الصحة”.
وأنهى الربيعي حديثه بالقول: “حاولنا مع أمانة بغداد لفتح ملف الفساد هذا وهي بدورها قامت بدعوى قضائية منذ 4 سنوات والأمر يخضع للتسويف والمماطلة”.
** أيقونة للثورة
واللافت أن البناية التي كانت أسيرة “الفساد” طيلة الأعوام السابقة هي ذاتها تحولت لأيقونة تُزينها الشعارات المطالبة برحيل “الفاسدين”.
يؤكد ذلك المتظاهر أثير الساعدي بالقول لمراسل الأناضول: “إذا ما نجحت ثورتنا فهذه البناية هي (برج الثورة) وأيقونتها ورمزنا الأهم في ساحة التحرير”.
وطالب المحتجون العراقيون في بداية التظاهرات بتحسين الخدمات العامة، وتوفير فرص عمل، ومكافحة الفساد، قبل أن يرتفع سقف مطالبهم إلى إسقاط الحكومة؛ وذلك بعد استخدام الجيش وقوات الأمن العنف المفرط بحقهم، وهو ما أقرت به الحكومة العراقية، وعدت بمحاسبة المسؤولين عنه.
ومنذ بدء الاحتجاجات، تبنت حكومة عادل عبد المهدي، عدة حزم إصلاحات في قطاعات متعددة، لكنها لم ترض المحتجين، الذين يصرون على إسقاطها.
ويسود استياء واسع في البلاد من تعامل الحكومة العنيف مع الاحتجاجات، فيما يعتقد مراقبون أن موجة الاحتجاجات الجديدة ستشكل ضغوطا متزايدة على حكومة عبد المهدي، وقد تؤدي في النهاية إلى الإطاحة بها.