مع اليوم الرابع عشر من ال
مع اليوم الرابع عشر من الاحتجاجات الشعبية في لبنان، وغداة استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري، بدأت مؤسسات الدولة في اتخاذ خطوات من شأنها تسيير الأمور، مثل فتح الجيش لبعض الطرقات والإعلان عن استئناف الدراسة، وعمل المصارف “جزئيا” الخميس.
تلك الخطوات تزامنت مع إعلان الرئيس ميشال عون قبول استقالة الحريري مع تكليفه بتصريف الأعمال لحين تشكيل حكومة جديدة، وذلك وسط دعوات من واشنطن ولندن بـ”إصلاحات حيوية”، وتسهيل عملية تشكيل الحكومة الجديدة.
المشهد لم يخل من اشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين، لكنها كانت محدودة وأسفرت عن إصابات طفيفة.
فمع الساعات الأولى لصباح الأربعاء، بادر الجيش بإصدار بيان دعا فيه المتظاهرين إلى فتح ما تبقَّى من طرق مقفلة، مُشدّدا في الوقت نفسه على حقّ التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي.
وقال الجيش إن ذلك المطلب ضروري لـ “إعادة الحياة إلى طبيعتها، ووصل كل المناطق بعضها ببعض، تنفيذاً للقانون والنظام العام”.
وبالفعل بدأ الجيش بفتح الطرقات الرئيسية التي أغلقها المعتصمون منذ أكثر من أسبوعين بمختلف المناطق.
**قبول استقالة الحريري
وبالتزامن مع خطوة الجيش، أعلنت الرئاسة اللبنانية في بيان، قبول استقالة حكومة الحريري، وتكليفها بتصريف الأعمال لحين تشكيل وزارة جديدة.
وفي السياق، قال عون في تعليق مقتضب أرفقته الرئاسة اللبنانية بصورة للرئيس اللبناني خلال لقائه وفدا من الرابطة المارونية، إنه ستكون للبنان “حكومة نظيفة”، معتبرا أن “الحراك” فتح الباب أمام “الإصلاح الكبير”.
فيما دعا مجلس المطارنة الموارنة بلبنان، في بيان عقب قبول استقالة الحريري، المسؤولين إلى “الالتفاف” حول عون، لـ “الإسراع في اتخاذ التدابير الدستوريّة الواجبة لحماية لبنان ووحدته والنهوض بالاقتصاد، تجاوبًا مع طموح جميع اللبنانيّين”.
بينما، وصف رئيس حزب الكتائب اللبناني سامي الجميل، في مؤتمر صحفي، ستقالة حكومة الحريري، بالـ”الانتصار”، معلنا بالوقت ذاته، أن حزبه تقدم باقتراح قانون لتقصير ولاية مجلس النواب (البرلمان).
أما رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، فدعا في بيان، إلى الاستعجال بتشكيل الحكومة الجديدة، وفتح طرقات البلاد التي يغلقها المتظاهرون.
في المقابل، قال مصدر مُقرّب من الحريري، إنه ينتظر المسار الدستوري للاستشارات النيابيّة، التي على أساسها، سوف يتم ترشيح شخصية لتولي رئاسة الحكومة.
وشدّد المصدر، في تصريح للأناصول، مفضلًا عدم نشر اسمه، على أنّ “كلّ ما يُشاع في هذا الخصوص غير صحيح”، وذلك تعقيبا على حديث مصادر سياسية في لبنان عن احتمال إعادة تكليف الحريري بتشكيل الحكومة المقبلة لكن بـ”شروط” مختلفة.
**استئناف الدراسة وفتح المصارف للموظفين الخميس
ومع عصر الأربعاء، أعلنت جمعية المصارف في بيان، استئناف النشاط المصرفي داخل الفروع، ابتداء من غد الخميس، لموظفي المصارف فقط دون استقبال العملاء.
وتلا ذلك بيان آخر لوزير التربية أكرم شهيب، أعلن فيه استئناف العملية التعليمية في جميع المدارس والجامعات الخميس.
**اشتباكات محدودة والحريري يدعو للهدوء
المشهد الذي بدا هادئا منذ الصباح، تغير مع ساعات الليل الأولى التي شهدت اشتباكات محدودة كان المعتصمون أحد أطرافها في عكار شمالا، وصيدا جنوبا.
وبحسب مراسل الأناضول، أصيب 6 لبنانيين، في اشتباكات باليد بين معتصمين وقوات من الجيش بساحة العبدة في مدينة عكار شمالي البلاد، خلال محاولة الجيش فتح أحد الطرقات الرئيسية.
كما أفاد الصليب الأحمر عبر حسابه بـ”تويتر” بوقوع “إشكال في مظاهرة بصيدا (جنوب)، والصليب الأحمر نقل على إثره ٣ إصابات حتى الآن، مع وجود فرق دعم توجهت إلى المكان”، دون تفاصيل أكثر.
وبالتزامن مع تلك الاشتباكات، دعا الحريري، أنصاره إلى التزام الهدوء، وعدم قطع الطرقات، والتعاون مع الجيش وقوى الأمن الداخلي.
وقال الحريري، في تغريدة له عبر “تويتر”: مع تقديري لكل مشاعر التعاطف العفوية، أكرر الطلب إلى جمهور تيار المستقبل ومناصريه الامتناع عن العراضات (تجمعات) في الشوارع، والتزام التعاون مع الجيش وقوى الأمن الداخلي”.
**لندن وواشنطن و”إصلاحات حيوية”
وعلى الصعيد الدولي، دعا وزير الخارجية الأمريكي في تغريدة على “تويتر”، الزعماء اللبنانيين بتسهيل تشكيل حكومة جديدة تستجيب لاحتياجات المواطنين سريعا.
كما طالبت بريطانيا، افي بيان لسفارتها لدى بيروت، بإجراء إصلاحات حيوية في لبنان، من أجل “إنشاء بلد أفضل للجميع”.
ويشهد لبنان، منذ 17 أكتوبر/ تشرين أول الجاري، احتجاجات طالبت برحيل الحكومة، وتشكيل حكومة كفاءات، إجراء انتخابات مبكرة، استعادة الأموال المنهوبة، مكافحة الفساد المستشري ومحاسبة المفسدين، وفق المحتجين.
واستقال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، بعد 13 يوما من الاحتجاجات الشعبيّة، لينفذ بذلك مطلبًا رئيسيًّا للمحتجّين.