لم نتفاجأ – طه كلينتش

لم نتفاجأ – طه كلينتش

انهالت ردود الأفعال المت

موسكو: اتفاقية سوتشي مع أنقرة حققت الاستقرار في سوريا
İstanbul için yağış ve soğuk hava uyarısı! İstanbul, Kocaeli, Sakarya…
54 killed in terror attack on Mali military post

انهالت ردود الأفعال المتباينة من مختلف الأوساط في الداخل والخارج منذ بداية عملية نبع السلام في سوريا، لكن أيا من ردود الأفعال تلك نجح في مفاجأتنا. فكل إناء بدأ ينضح بما فيه وكل طرف يكشف عن الجبهة التي يقف بها. وأما نحن فلنلخص الأحداث بشكل سريع لنتذكر من نواجه على الساحة:

اجتمع ممثلو الدول الأعضاء بالجامعة العربية يوم السبت الماضي في القاهرة ليصدروا بيانا يدينون فيه “عدوان تركيا”، وهو البيان الذي أكد فيه الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط، الذي شغل منصب وزير خارجية مصر فيما مضى، أن تركيا “تحتل أرض دولة عربية وتشن هجوما تستهدف به استقلالها”. ولم يعترض أحد سوى قطر والصومال على مقترح الإدانة الذي قبله بقية الأعضاء وسط دعوات بإعادة تفعيل عضوية سوريا بالجامعة العربية بعد تعليقها عام 2011. وفي الوقت الذي فشلت فيه الجامعة في تقديم أي حل عاجل وشاف لكل القضايا التي تناولتها في السابق، فإنها أسرعت بإصدار قرار عندما تعلق الأمر بتركيا. وينبغي الإشارة إلى أن هذا الاجتماع العاجل عقد بضغط من مصر والسعودية، ناهيك أصلا عن أن الجامعة العربية لا تمثل الأفكار الواقعية التي تحملها الشعوب العربية.

وأما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والعديد من الأسماء الأخرى بحكومة بلاده لم تتخلف عن ركب المتنافسين على إدانة تركيا بتصريحات أطلقوها بنبرات متباينة، تصريحات كانت العبارة البارزة بها هي “الهجوم على الأكراد”، وكأنهم نسوا النفوذ الإيراني في سوريا ليبادروا إلى الدفاع عن الأراضي السورية.

تعتبر إيران هي الأخرى من بين الدول التي استهدفت عملية نبع السلام بتصريحات شديدة اللهجة وواضحة. وكان موضوع خطبة الجمعة الماضية في مختلف المدن الإيرانية “العدوان التركي”، فقال خطيب الجمعة في العاصمة طهران أحمد خاتمي “إن ما تفعله تركيا هو عدوان على دولة مستقلة. وأما موقف إيران فمبني على وقف العدوان وانسحاب تركيا من الأراضي السورية على الفور”، فيما قال خطيب الجمعة في مدينة تبريرز محمد علي هاشمي “نطالب تركيا بالتزام الحكمة واحترام حدود سوريا وسيادتها”. كما انتقد خطيب الجمعة في مدينة رشت رسول فلاحتي العملية العسكرية بقوله “لا يزال الأتراك يحلمون بإحياء الدولة العثمانية، لكن عهد الهجمات المغولية قد ولّى”، بينما علق خطيب الجمعة في مدينة كرج محمد مهدي حسيني قائلا “يلعب الأتراك على وتر الولايات المتحدة حالمين بإحياء الدولة العثمانية”، فيما قال خطيب الجمعة في مدينة سمنان محمد شاهجراغي “في الوقت الذي يحاول فيه الشعب السوري إعادة بناء دولته فإنه يشعر بالضيق بسبب الهجوم التركي على أراضيه”.

(جمعت هذه البيانات من قبل مركز الدراسات الإيرانية)

يعين الزعيم الديني في إيران آية الله خامنئي بنفسه خطباء الجمعة الذين يلقون خطبا تتماشى مع وجهة نظره الرسمية. وإن الأصوات المتعالية من مدن إيران الكبرى في وقت حساس كهذا تعتبر ملخصا للنظرة الإيرانية تجاه تركيا. وعلينا أن نتذكر كذلك إلغاء الزيارة المرتقبة للرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد ورئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني إلى تركيا، فهذا التصرف يعتبر الجزء المتمم للموقف الرسمي لطهران.

لم تكتف ردود الأفعال القادمة من إيران عند هذا الحد، بل تبنت إيران موقفا جمعيا مناهضا لعملية نبع السلام من خلال الدعوة لمقاطعة المنتجات التركية إلى العبارات الخبيثة التي كتبت على جدران سفارتنا في طهران، ومن المظاهرات الاحتجاجات المناهضة لتركيا التي اندلعت في مختلف المدن الإيرانية إلى الشعارات شديدة اللهجة التي رددها المتظاهرون. وأما واحدة من أكثر ردود الأفعال الخبيثة التي جاءتنا من جبهة إيران كانت الرسالة التي شاركها الدبلوماسي المخضرم وكبير مفاوضي الملف النووي الإيراني السابق حسين موسويان على إحدى منصات التواصل الاجتماعي عندما نشر مقطعا مصورا يعود لعام 2003 يصور الرئيس أردوغان وهو يسقط من على ظهر حصانه في إحدى متنزهات إسطنبول، ليسخر من تركيا علانية. فال تجد أي دبلوماسي إيراني يقدم على مثل هذا الفعلة أبدا ليكشف عن خبث نواياه كما فعل موسويان.

وأعتقد أنه لا داعي لذكر حملات الحظر التي تخوضها الدول الغربية على بيع السلاح ودعواتها لنشر السلام. ذلك أن كل العبارات التي سنكتبها في هذا المجال ستتضمن كلمات من قبيل “النفاق” و”عدم الإخلاص” و”الكراهية”، وجميعها سيكون صدقا. فالدول الغربية التي لم تنبس ببنت شفة إزاء تدمير بلاد الإسلام وصفقت للانقلاب في مصر وألهبت الحرب الأهلية في ليبيا ومهدت الطريق لتدخلات سعودية وإيرانية في اليمن ليس لديها الحق أبدا في توجيه النقد لتركيا.

وأما النتيجة التي نتوصل إليها بعد مطالعة هذا المشهد فهي:

إننا وحيدون، فلا أحد يريد تركيا قوية تتخذ قراراتها بنفسها بمن فيهم الدول التي تتظاهر بصداقتنا. وإن ما ينتظره الجميع هو تركيا التي يضعونها تحت سيطرتهم ولا تحلق بعيدا عن سربهم أبدا. ولهذا فإن عملية نبع السلام تقودنا إلى تطورات تسقِط الأقنعة عن أوجه الجميع.