أثار إعادة تداول مقطع في
أثار إعادة تداول مقطع فيديو “قديم” لشيخ الأزهر أحمد الطيب جدلًا واسعًا بمصر، حيث تحدث فيه عن احتمال وجود “حملة”، ضد المؤسسة الدينية الأبرز ببلاده والعالم.
وتناقلت صحف وفضائيات مصرية وعربية المقطع، الذي كان يتحدث فيه الطيب عبر التلفزيون الحكومي بمصر، قبل أن يظهر توضيح رسمي بأن الفيديو يعود إلى 3 سنوات.
وقال أحمد الصاوي، رئيس تحرير جريدة الأزهر، الصادرة عن مشيخة الأزهر، في تصريحات صحفية، إن الحديث قديم من 3 سنوات، معتبرا إعادة نشره، “محاولة لافتعال توتر”.
بينما أرجع خبير مصري بارز ذلك التصعيد، دون التحقق من الأمر، إلى أنه صنيعة لأزمة جديدة بين النظام لأسباب مرتبطة بأن شيخ الأزهر لا يروق دوره لكثيرين، لم يسمهم.
وعادة ما أشادت الرئاسة والبرلمان في مصر بدور شيخ الأزهر ومؤسسته، رغم الحديث الإعلامي عن خلافات بين الجانبين.
وبحسب مقطع الفيديو، اشتكى الطيب قائلا: “لو أردنا أن نرد بمقال على مقال يشتم الأزهر لا يسمح لهذا المقال بالنشر، إلا بعد عناء شديد وإذا أردنا أن يخرج واحد ثاني في القناة ليتحدث، فبصعوبة شديدة وكثيرا ما يرفض”.
وأضاف: “كأنّ هناك حملة على الأزهر الشريف وهذه الحملة لا تصب والله إلا في فلسفة ونظام وحرب داعش”.
ولم يشر من تناوله بالداخل والخارج أن حديث الطيب قديم، وفق ما نقلته مواقع محلية ليست معارضة.
** انتقادان
وعقب تداول مقطع الفيديو على نطاق واسع، انتقد محمد الباز، الإعلامي المقرب للنظام، بشدة شيخ الأزهر، ووصف كلامه بأنه “غير صحيح”.
وقال الباز، السبت عبر برنامجه المتلفز اليومي،: “حديث الإمام الأكبر في التلفزيون (الحكومي) انزعجت منه”، متسائلا: “لماذايشعر شيخ الأزهر أنه مضطهد خاصة وهو يتكلم بمرارة شديدة؟”.
وأضاف: “لا أستطيع تكذيب شيخ الأزهر، ولكنني أتشكك في صدق ما قاله، وأعتقد أن هذا لم يحدث، ويبدو أن القنوات التي يحصل منها شيخ الأزهر على المعلومات غير دقيقة وغير أمينة في نقل الحقيقة”.
ورفض الباز “تصدير صورة أن هناك اضطهادًا وحربًا على الأزهر في الإعلام كلام غير صحيح ويجب (على شيخ الأزهر) أن ينتبه لمن حوله”.
وخاطب الباز، الطيب قائلا: “لا يليق بشيخ الأزهر أن يقول كلامًا غير دقيق، نرجو تصحيح هذه الصورة مع الاحتفاظ بدورك ومكانك ومكانتك”.
ومن خارج مصر، استخدم إعلاميون معارضون للنظام المقطع للتدليل على ما اعتبروه “اضطهادًا واصطداما جديدًا بين الأزهر والسلطة”.
وقال المعارض حمزة زوبع، في برنامجه بإحدى الفضائيات المعارضة بالخارج، إن حديث الطيب يؤكد أنه “ممنوع ظهور العلماء، وهذا موقف قاتل، كأنه بيقول إنهم يحاربونني، وهذا إدانة للنظام”.
بينما قال الإعلامي المعارض، معتز مطر، في برنامجه بفضائية معارضة بالخارج: إن حديث الطيب “صرخة من السيطرة الإعلامية وتكشف معاناة الأزهر وأنه لا يعجب النظام”، وهي اتهامات عادة ما نفتها السلطات وأكدت دعمها لحرية الإعلام والأزهر وشيخه.
وبالرجوع إلى الحساب الخاص للأزهر عبر “يوتيوب”، لم يظهر مقطع فيديو الطيب، للتليفزيون في تحديث الحساب، الأيام الماضية، وكان آخر حديث له المعروف باسم “حديث شيخ الأزهر”، منذ 5 أشهر.
** “محاولة افتعال توتر”
ومؤكدا ذلك، قال أحمد الصاوي رئيس تحرير جريدة صوت الأزهر (التابعة لمشيخة الأزهر)، في تصريحات صحيفة لموقع إخباري محلي، إن بعض وسائل الإعلام المحلية والدولية وبعض القنوات التلفزيونية ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، يتداولون تصريحًا لشيخ الأزهر، يتحدث فيه عن قدر من التضييق الإعلامي من بعض وسائل الإعلام على الأزهر وردوده على ما يثار حوله.
وأكد الصاوي، أن “التصريحات المروجة عن الإمام، مقتطعة من إحدى حلقات برنامجه الأسبوعي المذاع على شاشة التلفزيون المصري والتي تم تسجيلها وإذاعتها قبل 3 سنوات، وتحديدًا فبراير (شباط) 2016”.
وأضاف الصاوي، أن “شيخ الأزهر في تلك الحلقة كان يعبر عن وضع يراه حاصلًا في ذلك التوقيت، وليس بالضرورة أنه وضع وتصور ما زالا قائمين”.
ولفت الصاوي، إلى أن “هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها توظيف تصريحات سابقة للإمام الأكبر قالها قبل سنوات وكأنها جديدة، لتخدم بعض الأفكار والأطراف والمواقف الحالية، أو تحاول افتعال توتر ليس له أساس”.
ودعا وسائل الاعلام إلى “التدقيق فيما تنشره عن شيخ الأزهر، والتأكد من حداثته عبر التواصل مع المركز الإعلامي للأزهر الشريف، أو بالبحث البسيط على محركات البحث الإلكترونية”.
** مواقف “عتاب وانتقاد”
ووفق رصد سابق للأناضول، فنقاط العتاب والانتقاد بين آراء شيخ الأزهر والسلطة ومؤيديها التي يراها مراقبون “اصطداما” على النحو الآتي:
1/ الموقف المخالف
رغم مشاركة الطيب في مشهد 3 يوليو / تموز 2013 برفقة 14 شخصية، حينما وقف وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي يتلو بيان عزل أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا في البلاد محمد مرسي من منصبه، إلا أنه لم يوافق على فض اعتصام رابعة بالقوة.
ويوم فض اعتصام رابعة العدوية قبل 5 سنوات، وعلى النقيض من كافة مؤسسات الدولة، استنكر “الطيب” فض الاعتصام، داعيا جميع الأطراف إلى ضبط النفس وحرمة الدماء.
2/ عتاب ورفض علني
يناير/ كانون ثان 2017، سأل السيسي شيخ الأزهر، في لقاء متلفز على الهواء مباشرة، عن إمكانية إصدار قانون ينظم حالات الطلاق الشفوي، بعد تزايد نسب الطلاق، قبل أن يضيف جملته الشهيرة: “تعبتني يا فضيلة الإمام”.
وعقب اقتراح السيسي، خلصت هيئة كبار العلماء في الأزهر في بيان حينها، إلى صحة “وقوع الطلاق الشفوي “، فيما بدا أنه مخالفة لرأي السيسي.
3/ الهجوم اللاذع
شنت صحف حكومية هجوما على الطيب، حيث تصدرت صورته بمجلة روز اليوسف الحكومية أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني 2018 تحت عنوان “الفقيه الذي عذبنا.. وهذه معاركك الحقيقية يا فضيلة الإمام”.
وينص الدستور على أن الأزهر هيئة مستقلة تتمتع بشخصية اعتبارية، ويظل شيخ الأزهر في منصبه حتى سن الثمانين، ثم يعود من جديد لشغل مقعده في هيئة كبار العلماء، وينتخب شيخ جديد من أعضاء الهيئة، ولا يحق لرئيس البلاد عزله أو تغييره كما كان يحدث سابقا.
وكان أبرز تلك الخطوات المناوئة للأزهر في أبريل / نيسان 2017، عقب شروع البرلماني المؤيد للسلطة محمد أبوحامد، في التقدم بمشروع قانون إلى مجلس النواب مدعوما بتأييد العشرات، مطالبا بتعديلات جوهرية على قانون الأزهر، قبل أن يغلق بإشادة من البرلمان والرئاسة، بالأزهر.
من جانبه، أرجع الأكاديمي المصري البارز المتخصص في النظم السياسية، عمرو هاشم ربيع، للأناضول، ما يحدث مع الطيب، بالقول”من المعلوم أن شيخ الأزهر الحالي لا يروق دوره لكثيرين (لم يسمهم)”.
ولفت إلى وجود قرارات لشيخ الأزهر وراء ذلك، منها المعنية بالطلاق الشفوي وغيره”، في إشارة إلى الجدل المثار بشأن تلك القضايا.
وأضاف: “يتم تحميل شيخ الأزهر بشكل أو بآخر مسألة التطرف وعدم تجديد الخطاب الديني وعدم توفيقه في ذلك”.
وأضاف أن ذلك يأتي في إطار أن منصب شيخ الأزهر ذات استقلالية وحيثية، مرجحًا أن تكون تلك الانتقادات تأتي في سبيل “إجباره على الاستقالة”.