"المتروبوس"؛ الشريان الرئ
“المتروبوس”؛ الشريان الرئيسي للنقل اليومي في إسطنبول، يربط شطري المدينة الآسيوي والأوروبي، عابرا من الطريق الرئيسية في مسار مستقل ورحلات يومية تغرد خارج الزحمة.
إسطنبول تشتهر كغيرها من مدن العالم بمعاناتها من أزمة المرور وضعف الحلول لمواجهتها، ولذلك تلجأ الدول إلى تحسين المواصلات العامة، فيما يجد سكان المدينة التركية ضالتهم في خط “المتروبوس” الذي يؤمّن لهم حلا سحريا لتجاوز إشكالات الازدحام اليومية.
ومن المعروف أن كلفة إنشاء خطوط المترو والترام كبيرة جدا، وبحاجة لوقت طويل من أجل إتمامها، وإسطنبول فيها خطوط ترام ومترو كثيرة، ولكن مشروع المتروبوس يعتبر حلا عاجلا للأزمة، عبر حافلات تسير على الأسفلت في مسار مستقل دون إعاقة من حركة المرور اليومية العادية.
مليون راكب يستقل هذه الوسيلة في اليوم الواحد، ويتجاوز طول الخط 50 كم، ويمر في مسار مستقل بين السيارات والعربات العالقة في الازدحام، دون أن يوقفه شيء، ينطلق بالركاب ويصل بهم خلال فترة قصيرة ومحددة للهدف المنشود.
ويعتبر المتروبوس وسيلة النقل المفضلة للعمال والموظفين والطلاب والسائحين والمسافرين، حيث يوفر لهم إمكانية تحديد ساعة وصولهم وذلك بعد ركوبهم من المحطة المخصصة، ما يؤمن لهم بلوغ وجهاتهم دون تأخير، حيث أن الوقت دائما ما يصطدم بعقبة الازدحام.
** الفكرة
فكرة إنشاء خط المتروبوس جاءت من قبل بلدية إسطنبول، ففي فترة ما قبل العام 2007، ومن أجل حل مشكلة الازدحام المروري وتقديم خدمة نقل جماعية بديلة قليلة التكاليف وكثيرة الفعالية، تم التوصل إلى خدمة المتروبوس خلال وقت سريع.
ومنذ العام المذكور، ومع افتتاح المرحلة الأولى من الخط، تم تنظيم الطريق الرئيسي في إسطنبول، وتخصيص مسارين في منتصفه لمرور حافلات المتروبوس، حيث تم دمج اسم المترو مع الباص ليكون باللفظ التركي “مترو- بوس”.
وبعد النجاح الكبير لهذا الخط، تم استكماله بمراحله اللاحقة في السنوات التالية وصولا إلى العام 2012 حيث اكتملت مراحله، ويخدم حاليا 44 محطة على طول الخط، بمعدل نقل يومي يبلغ مليون راكب، وهو رقم ضخم.
ويوميا، يقصد الركاب المحطة، حيث يعمل الخط منذ سنوات طويلة على مدار 24 ساعة، في توفير خدمات النقل، لتسير الحافلات التي يتجاوز عددها 500 متتالية بانسيابية وتتابع، تنقل الركاب وآمالهم وأعمالهم.
وتم تقسيم خط المتروبوس من قبل إدارته، إلى عدة خطوط تخدم مناطق إسطنبول التي تمر منها، تربط شطري المدينة، وتعبر الحافلات عبر جسر “شهداء 15 تموز/ يوليو” (البوسفور)، بشكل متواتر.
وتكاد المنطقة العربية تخلو من منظومة المواصلات هذه، بتخصيص مسار مستقل على الطريق الرئيسية من أجل مرور الحافلات وتسهيل عملية تنقل المواطنين والراكبين، فانفردت إسطنبول بهذه المنظومة في منطقة الشرق الأوسط.
** شريان رئيسي
عارف دوران، رئيس دائرة “المتروبوس” في شركة المواصلات بإسطنبول، يقول في حديث للأناضول، إن “المتروبوس يعتبر الشريان الرئيسي للمدينة، ويمتد على الطريق الأساسي “E5” بشطري مدينة إسطنبول الآسيوي والأوروبي.
ويضيف: “قبل العام 2007، كان الازدحام كبيرا في الطريق الرئيسية بسبب وسائل النقل المختلفة، ومنها حافلات كبيرة وصغيرة ومتوسطة وسيارات الأجرة، فضلا عن السيارات المدنية الخاصة”.
وفي ضوء كل ذلك الازدحام، كان يتوجب إيجاد بديل، فجاء المتروبوس كحل مناسب بالعام نفسه، حيث افتتح أول مرحلة منه، ولاقى إقبالا كبيرا.
ويذكر “دوران” أنه “بعد إقبال الناس المتزايد على استخدام المتروبوس، تم العمل على افتتاح المرحلتين الثانية والثالثة، وبالنسبة لإسطنبول فقد ساهم المتروبوس بتوفير الزمن والراحة بشكل كبير لبلوغ مختلف الوجهات”.
وحول مواصفات المتروبوس، يقول المسؤول التركي: “هو نظام مغلق لا يتداخل مع المرور المدني، مسار محاط بعناية، وفيه مسربان لحركة الحافلات، وهناك ميزة الدفع (الأجرة) المسبق في المتروبوس في المحطات خارج الحافلات، الأمر الذي لا يشكل إرباكا”.
ويردف: “المسافة من طرف الخط لآخره يستغرق قرابة ساعة ونصف، ما يساهم بتوفير الزمن للمواطنين، كما أن استخدام هذه الحافلات يساهم في الحفاظ على البيئة، ونظام يقدم فوائد عديدة للمدينة”.
وفي أرقام، يلخص دوران مسار “المتروبوس”، قائلا: “بدأ الخط عام 2007 بطاقة عمل بلغت 35 حافلة فقط، وحاليا بعد استكمال المراحل يبلغ عدد الحافلات 525 حافلة، يقودها 1229 سائقا”.
ويتابع: “يتضمن الخط 44 محطة، ويبلغ طوله الإجمالي 52 كم، وهناك 6 نقاط للتدخل السريع في حال حصول أعطال أو حوادث معينة في الحافلات من أجل إجراء المطلوب”.
وحول الطاقة الاستيعابية لهذه الوسيلة، يوضح “دوران” أن عدد الركاب يتجاوز أحيانا المليون يوميا، ولكن المعدل اليومي العام هو مليون راكب، وهو رقم كبير، وفق تعبيره.
ويتابع: “نحاول العمل أكثر من أجل تقديم خدمات مريحة أكثر للركاب، وهناك أعمال تتواصل في المحطات، من أجل رفع طاقة استيعاب تلك المحطات من عدد الركاب، وتنظيم رحل أكثر، لتقديم الخدمات لمليون راكب في اليوم”.
ويختم بالقول: “هذا نظام نقل مزدحم كثيرا، وقد تكتظ الحركة أحيانا، وتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لضبط عملية التنقل، بوضع الإرشادات اللازمة للركاب، ونأمل من الجميع الالتزام بهذه التعليمات، ومنح الأولوية للركاب الخارجين من الحافلات التي تصل محطتها قبل صعود الركاب إلى تلك الحافلات”.