انتظروا فضيحة، فلم تحدث م
انتظروا فضيحة، فلم تحدث
من وجهوا الضربات بالاتحاد الأوروبي
الآن يضربون بالسلاح الأمريكي
لم تشهد أي دولة هذا القدر من “القذارة”
هناك كيان سري فتح بوابة الحصن من الداخل وحاصر أذهاننا
أسند ظهرك إلى الشعب وأعط قلبك للوطن، فهذا يكفينا
لقد رأينا مرة أخرى في القمة الأخيرة بين أردوغان وترامب.. لا تزال هناك داخل تركيا جبهة وكتلة عمت بصيرتها وحلقة تحالف تحاول إحياء التقاليد السياسية القديمة، فهم يستغلون كل فرصة سانحة في سبيل توجيه الضربات لبلدهم والإساءة إليها وتشويه صورتها بكل سلاح يجدونه.
إنهم لا يتورعون عن التقرب والتعاون داخل تركيا مع كل ما هو أجنبي يضر بالوطن، بل إنهم يدعونهم بقولهم “هيا تعاونوا معنا”، فلا تجد للأخلاق والمبادئ السياسية والوطنية والإرث والهوية التاريخية وسائر القيم الأخرى قادرة على التغلب على الرغبة الكامنة لديهم.
لم يسيء أي تيار سياسي في أي دولة إلى بلده لهذه الدرجة
إنهم يكرسون كل الإمكانيات المتاحة لديهم للوصول لهذه الغاية، ويستغلون كل قواهم وقدراتهم من أجل خدمة أهداف الآخرين، ويقللون من قيمة كل مبادرة ترمي لزيادة قوة وطننا ومستوى رفاهيته وتعزيز هويته والسلام الاجتماعي بين أفراده وإرواء الطموحات التي يحملها منذ مئات السنين؛ إذ يستخدمون لتحقيق هذا الهدف اللغة السياسية وانعدام البصيرة الاجتماعية والعمليات الذهنية.
لم تحاول أي تيار أو حركة سياسية في أي دولة حول العالم ترخيص وطنه إلى هذه الدرجة. فهناك كيانات تسخر من بلدها وهي مستترة تحت المظلة التي أقامها هؤلاء والتنظيمات مجهولة الهوية.
هناك كيان سري فتح بوابة الحصن من الداخل وحاصر أذهاننا
إننا أمام كيان يشعل النار في أعصاب المجتمع ويقود حملات ممنهجة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ويصفق لكل شيء معاد لتركيا ويسخر من كل ما يصب في مصلحتها. كما أن هناك العديد من الكيانات التي تنظم صفوفها على مواقع التواصل الاجتماعي لتحقيق هذا الهدف على وجه الخصوص. فذلك التيار يستمد قواه من الداخل، كما أن أسياده موجودون بالخارج!
إنهم يتعاونون مع كل من يريد هدم هذه القلعة وحصارها من كل مكان. فهم يفتحون أبواب حصون القلعة من الداخل ويرشدون الأعداء ويتولون من الداخل تنظيم شؤون مخططات الحصار من الخارج.
كان هناك فيما مضى “أحصنة طروادة” التي تضرب بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي
والآن يوجهون الضربات بالسلاح الأمريكي
من الطبيعي للغاية أن يسعوا لتوجيه الضربات لتركيا من خلال الولايات المتحدة ورئيسها ترامب وأعضاء الكونغرس. إنهم يمهدون الطريق النفسي لهذه التدخلات الشرسة في الداخل في سبيل محاولة الضغط على تركيا بواسطة الأذناب الأمريكية في منطقتنا وسلبها قدرتها على المقاومة عن طريق استغلال التنظيمات الإرهابية التي شكلتها الولايات المتحدة، كما أنهم اختاروا لغة سياسية مناسبة لهذا الغرض.
يحدوهم الأمل بقولهم “آه لو حدث شيء لتركيا”!
كان هناك في السابق من وجهوا اللكمات لتركيا من خلال الاتحاد الأوروبي… كانوا حينها هم المتحدثين باسمه، وكانوا يقودون دفة السياسة والثقافة ويتدخلون في كل المجالات من الاقتصاد وحتى الحياة الاجتماعية. كانوا يوجهون التعليمات للحكومة، بل كانوا حتى يبتزونها. كانوا يظنون أنفسهم محور للشرعية، بيد أن كل واحد من هؤلاء كان قد أسند إليه دور “حصان طروادة”.
كان كل واحد منهم رمزا للكِبر
أضاعوا سنوات من مستقبل بلدنا
كانت بروكسل ولندن وباريس هم الأساس… وكانت تركيا بالنسبة لهم دولة مجبرة على الانصياع لأوامرهم والتشبّه بهم؛ إذ كانوا ممثلو تقليد الوصاية الأجنبية، وكانوا منتشرين في كل مكان، في السياسة والإعلام والطبقة المثقفة ومنظمات المجتمع المدني والبيروقراطية المدنية والعسكرية.
لقد كانوا جميعا رموزا للكِبر والغرور؛ إذ كانوا ينظرون إلى البلد وشعبه من برج عاجي.
لم يكن هناك شيء يعرفونه وتردده ألسنتهم سوى عبارات الديمقراطية وحقوق الإنسان. فتكلموا لسنوات عن “القضية الكردية” لكنهم لم يساهموا ولو بعبارة واحدة لحلها.
ولقد كانت القضية الكردية ومسألة الديمقراطية والحرية وسيلة من أجل تحقيق المكاسب. كما أنهم كانوا قد أسندت لهم مهام معينة، ولهذا فكانوا جميعا يرددون ويكتبون العبارات ذاتها. وفي الواقع لم يقولوا أي شيء يصب في مصلحة تركيا، بل ضيعوا سنواتها بالعبارات النمطية الحمقاء والفارغة.
تغيرت الظروف وتغير العالم
ولهذا فأصحاب الوصاية لدينا غيروا أسلوبهم ومواقعهم وتحالفاتهم
لقد تغيرت الظروف وتغير العالم وتغيرت المنطقة وبدأت عواصف شديدة تعصف بها. لقد زادت حدة اللغة والأسلوب والخطاب المستخدم. فلغة الاتحاد الأوروبي اللطيفة اختفت لتحل محلها عبارات سياسية شرسة للغاية. فاللغة الفظة والعدوانية التي تستخدمها الولايات المتحدة صارت بديلا لتلك اللغة المهذبة التي كان يستخدمها الاتحاد الأوروبي.
وبناء عليه غيّر أصحاب الوصاية لدينا طرقهم وأساليبهم. فالذين كانوا فيما مضى يدافعون عن الإرهاب بعبارات حقوق الإنسان ويوجهون الضربات لتركيا بلغة الديمقراطية بدأوا اليوم يدعمون الإرهاب ويتحالفون معه علانية.
واشنطن تتحالف مع التنظيمات الإرهابية
فسارعوا هم كذلك للتعاون معها
عندما تعاونت الولايات المتحدة مع التنظيمات الإرهابية بدأ من هم بين أظهرنا كذلك يتعاونون معها، وبدأت الأحزاب السياسية تجتمع تحت مظلة واحدة مع تلك التنظيمات. وكما زادت وطأة الهجمات التي تستهدف تركيا من الخارج، زادت كذلك شدة الضربات التي توجه إليها من الداخل.
ولقد غير من هم بين أظهرنا مواقعهم وفق التعليمات الصادرة لهم من ساداتهم من أصحاب الوصاية. فنحن نشهد أحدث نماذج تغيير المواقع السياسية المستمرة خلال المائة عام الأخيرة.
هذه الخسة خزى بالنسبة لتركيا
لقد كانوا سيشعرون بسعادة غامرة لو كانت فضيحة قد حدثت خلال لقاء أردوغان-ترامب وصار هناك ما يضع تركيا في موقف حرج خلال المؤتمر الصحفي الذي دار بينهما. كانوا سيسرون لغاية لو كانت العقوبات الأمريكية على تركيا قد بدأت وصدرت قرارات عن الكونغرس وتعرضت تركيا للضغط.
إن هذه الخسة وفقدان الهوية يعتبران خزيا بالنسبة لتركيا. فهذا ليس موقفا سياسيا، بل لون من ألوان الخيانة ومحاولة لفتح أبواب الحصن من الداخل.
تخوض تركيا صراعات شرسة للغاية في منطقتنا وحول العالم. وكلما كبرت تركيا ستكبر هذه الصراعات، فهذا أمر طبيعي؛ إذ إن الدولة العظمى يكون لها طموحات وحسابات كبرى، وهو ما نعيشه منذ سنين.
سيهاجمنا من اعتبرناهم منّا، لكننا سننجح هذه المرة
سنعيش هذا الأمر مجددا، وسنخوض صراعات جديدة، وسنتعرض لمزيد من الخيانات. سيوجه لنا من هم بين أظهرنا الضربات، وسنتعرض لمن اعتبرناهم “منّا”، وسنتعرض لخيبات أمل كبرى، لكننا سننجح هذه المرة كذلك.
أكتب المقالات الصحفية منذ 20 عاما، كما أزاول مهنة الصحافة منذ فترة أطول من ذلك، وهو ما يمكنني من المتابعة اليومية لمنطقتنا والعالم ومختلف التوجهات والصراعات والعمليات المستترة ومحاولات الاحتلال والحروب الأهلية وتغير المواقف السياسية والتغيرات التي تشهدها تركيا والعالم وتبدل موازين القوى في كل مكان.
أسند ظهرك إلى الشعب وأعط قلبك للوطن ولا تحيد عن هذا الطريق وكفى
أتابع كيف تغيرت الحركات والخطابات والهويات السياسية وتآكلت مبادئها.
لقد شهدنا موجات صعود كبرى في كل مرة بعد صدمة كبيرة، وهذا ما نعيشه اليوم أيضا، وسنكسب هذه المرة كذلك.
أسند ظهرك إلى الشعب وأعط قلبك للوطن، فهذا المحور هو الذي جعلنا نربع على مر الزمان، وما عدا ذلك إنما هو إلى زوال.. فلا تحيد عن هذا الطريق وكفى.