في الذكرى 71 لوفاته.. 'فخر الدين باشا' تاريخ خلّد 'الأمانات المقدسة'

في الذكرى 71 لوفاته.. 'فخر الدين باشا' تاريخ خلّد 'الأمانات المقدسة'

تزدان صفحات التاريخ على م

Türban PKK’dan daha tehlikeli?
İstanbul'da park halindeki TIR çalındı
الرئيس الكولومبي يعلن استعداده للحوار مع أطياف المجتمع

تزدان صفحات التاريخ على مر السنين ببطولات القائد العثماني فخر الدين باشا، الملقب بـ”نمر الصحراء”، المعروف بدفاعه البطولي عن المدينة المنورة بوجه القوات البريطانية.

ولد فخر الدين باشا – واسمه الكامل عمر فخر الدين ترك قان- عام 1868 بمدينة روسجوق في بلغاريا، واستقر مع عائلته في إسطنبول عقب الحرب العثمانية الروسية (1877-1878) المعروفة بـ”حرب 93″.

تخرج من المدرسة الحربية وكان ترتيبه الأول على زملائه، وعقب ذلك بدأ عمله بالجيش عام 1891 برتبة نقيب أركان حرب، كما شارك في الدفاع عن تشاتالجا، واستعادة إدرنة إبان حرب البلقان.

في بداية الحرب العالمية الأولى تولى فخر الدين باشا في الموصل قيادة الفيلق الثاني عشر التابع للجيش الرابع، وفي 1914عُين نائباً لقائد الجيش الرابع. وأخمد تمرد العصابات الأرمنية في أورفه وزيتون وجبل موسى وهتشين (جنوبي تركيا).

وفي 1916 عينه قائد الجيش الرابع جمال باشا قائداً لحامية الحجاز بالمدينة المنورة، ودافع عنها رغم قلة الإمكانات ضد جيش “الشريف حسين” المدعوم من الإنجليز ونال تقدير القيادات.

استمر فخر الدين باشا في الدفاع عن المدينة المنورة حتى بعد انسحاب الجيوش التركية إلى الشمال وانقطاع الاتصال مع وحداتها.

في 30 أكتوبر/ تشرين أول 1918 وقّعت الدولة العثمانية “هدنة موندروس” وانسحبت من الحرب العالمية الأولى.

وبعد استسلام الدولة العثمانية واصل فخر الدين باشا الدفاع عن المدينة المنورة لمدة 72 يوماً، وفي 13 يناير/ كانون ثاني 1919 اضطر لإيقاف دفاعه عن المدينة بسبب نفاد الطعام والأدوية والذخيرة، وبذلك انتهى الحكم التركي في المدينة بعد أن استمر 400 عاماً.

أرسل الإنجليز “نمر الصحراء” إلى مصر ثم إلى مالطا بصفته أسير حرب.

وفي 8 أبريل/ نيسان 1921 تمكن من مغادرة مالطا متوجهًا إلى أنقرة للانضمام إلى حرب الاستقلال، وكلّفه القائد العام مصطفى كمال (أتاتورك) بتوحيد القوات التركية التي تحارب في الجبهة الجنوبية ضد الجيش الفرنسي.

وعقب انتهاء الحرب على الجبهة الجنوبية بعد توقيع اتفاقية أنقرة مع فرنسا، عُين فخر الدين باشا من قبل مجلس الأمة التركي سفيرًا في العاصمة الأفغانية كابل في 9 نوفمبر/ تشرين ثاني 1921، ولعب دوراً مهماً في تعزيز الصداقة التركية – الأفغانية.

تقاعد فخر الدين باشا من الجيش عام 1936، وفي 22 نوفمبر عام 1948 توفي إثر تعرضه لأزمة قلبية أثناء سفره بالقطار قرب مدينة أسكي شهير التركية.

– رفض فقدان الأراضي المقدسة

وفي حديث للأناضول عن حياته بمناسبة الذكرى الـ71 لوفاته، قال البروفيسور محمد إيبشيرلي، عضو هيئة التدريس بجامعة ميديبول، إن فخر الدين باشا يعد حلقة مهمة في سلسلة القادة الشرفاء.

وأشار إيبشيرلي أن فخر الدين باشا واجه صعوبات كثيرة جداً أثناء دفاعه عن الأراضي المقدسة ضد جيش الشريف حسين، الذي تمرد بمساعدة الإنجليز.

وأضاف أن الإنجليز كانوا يحرّضون الشريف حسين للتمرد على الدولة العثمانية عبر تقديم وعود له بالخلافة، مشيراً أن الجاسوس الإنجليزي المعروف باسم “لورانس العرب” كان له دور تحريضي الأكثر تأثيراً.

وتابع: “دافع فخر الدين باشا عن المدينة المنورة دفاعاً ملحمياً لمدة ثلاث سنوات، وواجه صعوبات كثيرة مثل انتشار الأمراض والجوع بين الجنود لدرجة أنهم اضطروا لأكل الجراد”.

وأوضح إيبشيرلي أن فخر الدين باشا رفض أوامر تلقاها بترك المدينة والعودة عقب توقيع هدنة موندوروس قائلاً إنه لن يتركها حتى يأتيه أمر من السلطان شخصياً، حتى أنه رفض العودة بعد صدور الأمر.

وبسبب خوفه من وقوعها في أيدي الإنجليز جمع الأمانات المقدسة الموجودة بالمدينة وأرسلها إلى إسطنبول بصحبة ألفي جندي رغم حاجته إلى كل جندي في المدينة.

وذكر إيبشيرلي أن الشريف حسين الذي تمرد على الدولة العثمانية بتحريض الإنجليز دفع ثمن خيانته، وأن الإنجليز خدعوه ولم يقدموا له ما وعوده به وبقي في النهاية ذليلاً لا يدري ماذا يفعل.

** حماية الأمانات المقدسة

أما المؤرخ والكاتب التركي عزمي أوزجان، فقال إن فخر الدين باشا من أكثر الشخصيات التي تستحق لقب بطل في التاريخ.

وأضاف أنه قائد لملحمة مستمرة من الماضي حتى يومنا هذا، وأن أول ما يخطر على البال عند ذكر اسمه هو نقل الأمانات المقدسة إلى قصر “طوب قابي سراي” في إسطنبول.

وتابع أوزجان: “الدفاع عن المدينة لم يكن مجرد دفاع عن جبهة ما في الحرب بل يجب تقييمها على أنها صفحة من الصفحات التي تزين التاريخ الإسلامي الذي كان أمانة في يد الأتراك”.

ولفت أوزجان إلى ضرورة نقل ملحمة الدفاع عن المدينة إلى الأجيال الجديدة عبر القيام بأعمال فنية مختلفة.

واستطرد: “حدثت أحداث مأساوية كثيرة خلال الدفاع عن المدينة، ورغم صدور الأوامر له من إسطنبول بالاستسلام قال لجنوده إنه لا يمكنه تسليم قبر النبي والأمانات المقدسة للأعداء”.

وأضاف أوزجان أنه لولا فخر الدين باشا لما كانت الأمانات المقدسة تعرض اليوم في متحف “طوب قابي سراي” بل ربما كانت في إنجلترا.

** فيلم سينمائي عن حياة فخر الدين باشا

وأكد زكي ترك قان، حفيد فخر الدين باشا أن البطولات التي أظهرها جده خلال الدفاع عن المدينة المنورة لها مكانة مهمة في التاريخ التركي والإسلامي.

وأضاف أن الأديبة التركية الشهيرة “خالدة أديب أديوار” تحدثت عن بطولاته أثناء دفاعه عن المدينة، في التجمعات التي كانت تعقدها في ميدان السلطان أحمد بإسطنبول قائلة “المدينة لا تزال صامدة. المدينة هي رمز من رموز الصمود”.

ولفت ترك قان، إلى وجود رغبة قوية في إنتاج فيلم عن حياة جده فخر الدين باشا، مشيرًا أن المخرج متين اركسان أعد السيناريو.

فيما قال عمر فخر الدين ترك قان، إنه نشأ على سماع بطولات جده فخر الدين باشا خلال أحاديث العائلة.

وأضاف أنه حتى الجاسوس الإنجليزي “لورانس” الذي كان يحاربه امتدح فخر الدين باشا في الكتاب الذي ألّفه بعد ذلك.

أما عائشة غول كونوك، فعبرت عن افتخارها بجدها، مبينةً أن إحياء ذكراه رغم مرور 71 عاماً على وفاته أمر يشعرها بالفخر.

وأضافت أنها كانت لا تزال طفلة في الثانية من عمرها عندما توفي جدها، لذلك لا تجمعهما ذكريات مشتركة إلا أنها كلما قرأت بطولاته تشعر بالفخر هي وجميع أفرد الأسرة.