'نبع السلام' تفضح النفاق الأوروبي

'نبع السلام' تفضح النفاق الأوروبي

في الوقت الذي استحوذت فيه

Yeni ABD yaptırımları üzerinden ekonomi güvenliği
تركيا تشتري 85.05 من أسهم شركة “جي سي آر أوراسيا” الائتمانية اليابانية…
Diriliş Ertuğrul'un Süleyman Şah'ı Serdar Gökhan şehitlerin hayatını…

في الوقت الذي استحوذت فيه عملية “نبع السلام” التي نفذتها القوات التركية ضد إرهابيين على اهتمام الرأي العام العالمي، جاء موقف وسائل الإعلام الأوروبية والنخبة السياسية الغربية من العملية، ليفضح مرة أخرى سياسة النفاق والمعايير المزدوجة التي تتبعها أوروبا ضد تركيا.

وبدأت القوات المسلحة التركية في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2019، تنفيذ عملية نبع السلام العسكرية ضد منظمة “بي كا كا/ب ي د” الإرهابية، من أجل القضاء على الممر الإرهابي الذي أريد إقامته على حدودها الجنوبية وإحلال السلام والاستقرار في المنطقة.

ومع بداية العملية، سارع الاتحاد الأوروبي بإدانتها، فما دعت بعض دول الاتحاد الأمم المتحدة لنشر إعلان مشترك يدين العملية في مجلس الأمن، مطالبة المجلس بعقد اجتماع بهذا الخصوص، لكن روسيا والولايات المتحدة عارضتا هذا الطرح وصوتتا ضد الطلب.

فيما قامت دول أوروبية أعضاء في مجلس الأمن بنشر بيان مشترك يدين العملية التركية الهادفة لمكافحة الإرهاب في شمال شرقي سوريا.

وفي بيانهم، عبر قادة الدول الأوروبية عن قلقهم تجاه المدنيين، مدعين أن العملية تشكل “خطرا” على المدنيين.

** تضليل إعلامي وأخبار ملفقة

وفي هذه الأثناء، سعى أنصار منظمة “بي كا كا/ي ب ك” الإرهابية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لشن حملات تهدف للتضليل الإعلامي وتلويث الحقيقة بأخبار ملفقة، ونشر صور التقطت في أماكن وأوقات مختلفة حول العالم وإظهارها كما لو أنها بمناطق عملية “نبع السلام”.

وبالنظر إلى الصورة الأوسع لرؤية هؤلاء القادة الأوروبيين لأزمة اللاجئين، بما في ذلك سلوكهم تجاه الفارين من الحروب بالشرق الأوسط، وخاصة سوريا، نرى بوضوح أنهم لم يظهروا أي موقف إيجابي تجاه اللاجئين.

كما أن هؤلاء القادة استهتروا بحياة الملايين من الأبرياء الفارين من جحيم الحرب، مكتفين بتبادل إلقاء اللوم على بعضهم البعض، رافضين رفضا قاطعا استقبال اللاجئين في دول أوروبا الغربية.

** تركيا تستضيف 4 ملايين لاجئ سوري

وفي مقابل الموقف الأوروبي، استقبلت تركيا ما يقرب من 4 ملايين لاجئ سوري، وقدمت لهم خدمات مهمة تهدف إلى إعادة دمجهم بالمجتمع، إضافة إلى خدمات التعليم والرعاية الصحية والعديد من الخدمات الاجتماعية والثقافية.

وفي الوقت الذي تضامنت فيه تركيا مع أزمة اللاجئين واستضافت الملايين منهم، قامت أوروبا بتسوير حدودها بالأسلاك الشائكة لمنع وصولهم إليها، وارتفع صوت الشعارات المناهضة لهم، فيما بدأ السياسيون بإطلاق العنان للتصريحات العنصرية.

وعلى الجانب الآخر، راقب العالم بأسره بأعين مدهشة تصرفات أوروبا التي ترفع شعار الدفاع عن الحرية والإنسانية وحقوق الإنسان والتضامن مع المضطهدين، ذلك أنه وخلال أزمة اللاجئين، استفاقت دول أوروبا الغربية على حقيقة عدم رغبتها باستضافة اللاجئين وتحمل مسؤولياتها الأخلاقية تجاههم، فشرعت بالبحث على جهة أخرى لتحميلها مسؤولياتها.

الأمر تطور إلى ما هو أبعد من ذلك؛ فبلدان أوروبا الغربية التي تعتبر “مهد الحضارة” والتي لم تتمكن من إيجاد حل مناسب للاجئين الذين أتوا إلى أراضيهم حتى الآن، بدأت تشهد ضروبًا من المعاملة العنصرية واللاإنسانية ضد اللاجئين، لاسيما في المدن الكبرى.

** هل حياة الأوروبيين أكثر أهمية من حياة المواطنين الأتراك؟

في أعقاب الهجمات الإرهابية التي وقعت في فرنسا عام 2015، سارع زعماء أوروبا الغربية للسير في شوارع باريس، إعرابًا منهم عن التضامن ورفضا لتلك الهجمات الإرهابية، إلا أنهم لم يظهروا الاهتمام نفسه تجاه المواطنين الأتراك الأبرياء الذين لقوا حتفهم في الهجمات الإرهابية التي شنتها تنظيمات “داعش” و”بي كا كا” و”ي ب ك” الإرهابية.

إضافة إلى ذلك، لم يظهر القادة الأوروبيين المذكورين التضامن المطلوب مع ضحايا المحاولة الانقلابية الدموية التي نفذها تنظيم “فتح الله غولن” الإرهابي منتصف 2016.

وعلى النقيض من ذلك، فتحت تلك البلدان أبوابها لاستقبال أعضاء تنظيم “غولن” وسمحت لهم بممارسة شتى أنواع الدعاية ضد تركيا والشعب التركي.

** نماذج من التاريخ الأسود لـ”بي كا كا/ ي ب ك”

قُتل العديد من المواطنين الأتراك، بمن فيهم العديد من الشباب، بفعل الهجمات الإرهابية التي شنتها منظمة “بي كا كا/ ي ب ك” الإرهابية داخل الأراضي التركية.

ففي يونيو/حزيران 2017، شنت المنظمة الإرهابية هجومًا في ولاية بطمان (شرق) التركية، أدى لمقتل مجموعة من المدنيين بينهم مدرسة (22 عامًا).

وبالمثل، شنت المنظمة الإرهابية في 31 يناير/كانون الثاني 2018 هجومًا صاروخيًا بقذائف الهاون على بلدة ريحانلي بولاية هطاي، المحاذية للحدود مع سوريا، أدى لمقتل مجموعة من المواطنين الأتراك بينهم فاطمة آولار، التي كانت تحلم أن تكون مدرسة يومًا ما.

** أوروبا وازدواجية المعايير

تعتبر العدالة والمساواة أبرز القيم الحضارية الرئيسية التي تنادي بها أوروبا، لكن مقاربة القادة الأوروبيين تجاه تركيا وشعبها في هذه المرحلة المفصلية التي يتألم فيها الشعب التركي بسبب الهجمات الإرهابية الوحشية، تعبر عن سياسة مزدوجة المعايير لا تليق بالقارة العجوز، والسؤال هنا هو هل حياة الأوروبيين أكثر أهمية من حياة المواطنين الأتراك؟.

إذا لم يكن كذلك، فلماذا لا تعرب أوروبا عن تضامنها مع تركيا عندما يتعلق الأمر بمحاربة الإرهاب؟. دعونا نطرح السؤال بشكل مختلف. عندما تواجه أوروبا مشكلة تتعلق بالإرهاب، تقدم أنقرة كل الدعم للدول الأوروبية من أجل محاربة هذا الخطر الذي يهدد الجميع، شأنها بذلك شأن البلدان الأخرى، لكن عندما تواجه تركيا الخطر نفسه تجد نفسها مضطرة لمواجهته بمفردها، فلماذا هذه الازدواجية؟.

وأخيرًا، أين كانت أوروبا عندما أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتخاذ خطوات ملموسة ضد إرهاب “بي كا كا/ ي ب ك” لحماية الأمن القومي التركي؟.

يكمن النفاق الأوروبي والسياسات مزدوجة المعايير التي أشاحت بوجهها مرارًا وتكرارًا عن الشريك الرئيسي في مكافحة الإرهاب والبلد المرشح لعضوية الاتحاد الأوروبي (تركيا)، خلف جميع الإجابات عن هذه الأسئلة.

من ناحية أخرى، نستطيع رؤية النفاق والسياسات مزدوجة المعايير الأوروبية ضد تركيا، في مضمار الرياضة والاحتفال بالانجازات الرياضية أيضًا، حيث بدأ الاتحاد الأوروبي لكرة القدم تحقيقًا تأديبيًا ضد لاعبي المنتخب الوطني التركي، الذين عبروا عن فرحتهم في نهاية المباراة مع ألبانيا وفرنسا، بأداء التحية العسكرية.

هذا الإجراء يأتي بعد أن دأب العديد من اللاعبين الأوروبيين، مثل اللاعب الفرنسي أنطوان غريسمان واللاعب البرتغالي كريستيانو رونالدو، على التعبير عن فرحهم بنفس الطريقة بعد تحقيق الانتصارات أو تسجيل الأهداف، ودون أن ينبس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم ببنت شفة.

إضافة إلى ما سبق، وصفت وسائل الإعلام الأوروبية التحية العسكرية التي أداها غريسمان للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنها “لفتة لطيفة تجاه رئيس فرنسا”، بينما اختار الاتحاد الأوروبي لكرة القدم التزام الصمت تجاه القضية، لكن عندما يصبح الأمر متعلقًا بتركيا، يبدأ البحث عن الذرائع.

تتناسى النخب السياسية في أوروبا الغربية، عندما تسهب في انتقاد الخطوات التركية، أن أنقرة تحتل المرتبة الثانية بين أكبر المانحين للمساعدات الإنسانية في العالم، وتصر هذه النخب على التصرف وكأنما لا تمتلك معلومات كافية عن تركيا.

لا شك أن إصرار القادة الأوروبيين والنخب السياسية في أوروبا الغربية على التعامل مع القضايا المتعلقة بتركيا وفق معايير مزدوجة لا تحترم حتى القيم الحضارية الأوروبية، يتسبب بأضرار ربما تكون مدمرة بالنسبة لأوروبا نفسها، لأن هذا السلوك لايفقدها مصداقيتها واحترامها في الساحة الدولية وحسب، بل يفقدها احترامها لذاتها أيضًا.